حين يتصالح الإنسان مع نفسه، ويفهم ذاته تنتهي نصف معاركه، والنصف الآخر من المعركة ينتهي حين يستوعب شريكه، نصفه الآخر، ويدرك التباين السيكولوجي للجنسين، الاختلاف لا يشمل فقط الشكل والتشريح والأسماء لكل منهما، بل ودور الهرمونات، وكفتي العقل والعاطفة،عدم فهم كل طرف للآخر يولد نتاجاً من الملل والضجيج والصراعات التي تكاد أن تنفي العلاقة بين الجنسين سواء الأب والأم، أم الزوج والزوجة، أم الصديق والصديقة.
هناك فكرة عامة مفادها استحالة استمرار العلاقات على نفس الوتيرة دون المرور بمواقف وعرة ومواقف مستوية، خاصة العلاقة الزوجية،ونحن في أشد الحاجة إلى بذل سعينا لوضع حجر الأساس للعلاقة كى يحميها من الهشاشة نتيجة الضغوط الحياتية والخلافات الطبيعية، ومن أهم القواعد: فهم الآخر والوعي بوجود الاختلافات بين تركيبة كل من الجنسين.
ولن ندير وجهنا بعيداً عن الدواء السحري لجميع أنواع الآفات، وهو الحب الصادق و الإخلاص والاحترام والتقدير ، الحب له وزن وثقل عظيم قوته تمكنّه من أن يحول الإنسان لطير يرفرف في فضاء الراحة والسعادة، ولكن إذا كان في فضائه المناسب،فالحب ليس له قانون، يرسم الأحباء خارطة الحياة الخاصة بهم، فلا يستعمرها إلا هما لا دخيل ثالث بينهما. والخلافات فى الحياة الزوجية ما هي إلا محرك لركود الحياة بين الجنسين على شريطة عدم المبالغة بها.
ويتوقع الرجال من النساء أن يفكرن مثلهم، وأن تكون ردود أفعالهن مثلهم، والنساء يتوقعن المثل كذلك، فنحن لا نأخذ الوقت الكافي لنفهم ونحترم بعضنا البعض،فالجنس الأنثوي يحتاج من الرجل أن ينصت له، والإنصات أقوى من مجرد الاستماع، يتعاطف لشكوى المرأة فهي ليست شكوى كما يصنفها الرجل بأنها مجرد أحداث عشوائية تعرضت لها المرأة وسوف تتلاشى في القريب العاجل دون أن تترك بصمتها في ذات المرأة، ترغب بأن يقّدر أقل جهودها، يشاركها في اهتماماتها، أن يترك لها فضاءها الخاص لممارسة ما تحبه، يهضم ويستوعب عاطفتها المزاجية نتيجة ضغوطات المنزل، ومن ناحية أخرى ما تمر به بيولوجياً، يحتضنها أثناء حزنها، المرأة على تضاد مع الرجل في وقت غضبها، لا تكبت مشاعرها ولا تكبحها، بل تحررها لرقة عاطفتها التي لا تستطيع ضغائن أو شوائب الخلافات أن تغطيها وتسيطر عليها، وعند الضغط والحزن لديها غريزة التحدث ، لا ترغب فى إيجاد حلول على قدر أنها تريد أن تتخلص من طاقاتها السلبية ، وأن تصل إلى منطقة الراحة النفسية.
فالرجل لا يعي تلك الغريزة ولا ينادي بها؛ لأنه ينظر إليها بأنها رجل ويريدها ألا تلقي همومها على كاهل شخص آخر،و ترغب الزوجة أن ترى نفسها في عين زوجها بأنها ملكة متّوجة بشخصيتها ومتفردة بعقلها وجمالها، وبطيبة قلبها وحكمتها، تسعد المرأة عندما تشعر بأنها هي بمثابة جميع الأشخاص والأطراف لزوجها، هي الزوجة، والأم، والأخت، والابنة، والصديقة، فالزوجة الحكيمة بالفعل تسعى لتحقيق ذاك لأنها تستحوذ على تلك الطاقة الشاملة.
عزوف الرجل عن التعبير عن مشاعره الحزينة كالفضفضة والبكاء نتيجة ما يُزرع فيه منذ نعومة أظافره بأن التعبير عن عاطفته هي وصمة عار لرجولته فهي بالتأكيد أفكار غير ناضجة وتتسم بالجهل، فينعزل ويلجأ إلى احتضان نفسه كالجنين في رحم أمه الذي ينافي ما تؤمن به عاطفة المرأة، الرجل يميل إلى الصمت، والعقل، والتقدير بالتحليل، وكفة العقل تعلن انتصارها على كفة القلب والعاطفة، شعور الرجل بأن عطاء وحب المرأة لا يتأثران سلباً عند قوله المستمر للفظ (لا) وإهماله ورفضه المستمر لرغباتها.
المرأة هى حجر الأساس للعلاقة، عطاء الرجل يعتمد على عطائها، أسلوبه يعتمد على أسلوبها، والحب والاحترام يجب أن يكونا هما حجر الزاوية فى التعامل بينهما، كما أن العامل المشترك المفترض الالتزام به هو عدم تدخل طرف ثالث بين الزوجين، وعدم فتح الباب للقريب والغريب لمشاهدة تفاصيل حياتهما لا المرحة ولا المحزنة، الاستقلالية والكتمان في العلاقة الزوجية من أهم نقاط نجاح العلاقة.
إن مراعاة عوامل الاختلاف بين الجنسين، من اختلاف سيكولوجية كل منهما، اختلاف البيئة، والتربية، والثقافة، جميعهم يؤثر على العلاقة وبالتالي علم كل منهما بتلك العوامل والتوسع في القراءة عن الاختلافات بين الجنسين ضروري بجانب معرفة كيفية تقبلها والتعامل معها.