نادية(٦).
بقلم : منال عبد الرازق
خرجت نادية للحظات إتصلت بها بفضل وأخبرته بموافقتها على زيارة أهل محمود المتقدم لخطبة ليلى.
عادت نادية لبيتها بعدما قامت بشراء بعض الحلويات والمشروبات اللازمة لتلك الزيارة المفاجئة والتى كانت تتمنى أن تتأجل قليلاً فهى لم تسترد أنفاسها التى تمنحها مواجهة تلك المواقف بعد وطالما كانت تهرب من تلك الأفكار.
كيف ستتصدى لتلك الأمور دون عماد!!!
عماد؟
يااااه وحشتنى يا عماد،وحشتنى أوى،تخيل بناتك متقدملهم عرسان وإنت غايب،طيب مين هيقابلهم وهيقعدوا مع مين ويتفقوا،وأنا هقول إيه أنا كنت بعتمد عليك فى كل حاجة عايزة حد بيعرف يتصرف،أنا خايفة اوى يا عماد.
هكذا كانت نادية تحدث نفسها وهى فى طريق عودتها لمنزلها وقد أخذها شوقها لذلك الرجل الطيب الساكن بين القبور مأخذه حتى أنها شعرت بتأنيب الضمير لقلبها الذى وجد متسعاً لرجلٍ أخر فأعربت عن ذلك الضيق بزفرات متوترة غاضبة حارة وسارعت فى خطواتها حتى تفيق من تلك الصراعات.
و فى الثامنة مساءاً دق جرس الباب فذهب فضل لاستقبال محمود و والديه و اخوه فرحب بهم جميعاً و دعاهم للجلوس ثم خرجت عليهم نادية فألقت عليهم التحية وجلست و هى تتمتم ببعض كلمات الترحيب المعتادة و دارت بعض الاحاديث التقليدية حتى استأذن والدا محمود فى رؤية ليلى والتعرف عليها فأومأت نادية لفضل أن يناديها فذهب لغرفتها و استأذن للدخول ففتحت له نغم ليرى ليلى و قد بدا عليها التوتر و القلق فأبتسم لها فى مكر قائلاً :إتفضلي يا عروسة أهل سي محمود عايزين يشوفوا حضرتك.
خرجت ليلى عليهم و هى تتعثر فى خطواتها فى خجل و صافحتهم جميعاً إلا محمود فضحك الجميع وإنتهى اللقاء بعد ان تعرفت الأسرتين على بعضهما و طلب والد محمود من فضل و نادية تحديد ميعاد للخطبة بعدما وافقا على طلب محمود.
كانت خطوات ارتباط ليلى بمحمود تسير فى شكل نمطى لكنه سريع و نادية تحاول بكل ما أوتيت من قوة أن تفي بكل ما يحقق الرضا و السعادة لليلى حتى لا تستشعر عدم وجود أبيها.
فى هذه الأثناء لم تكف نادية عن مراقبة محمود فى كل تصرفاته فى قلق ولا عن مقارنة كل كبيرة وصغيرة بسيناريوهات عماد معهافلن تسمح لإبنتها أن تحيا حياة كاسدة راكدة كالتى عاشتها خالية من الروح والحب.
إرتدت نادية فستاناً ذات لون أسود به من الرقة والأنوثة والرقى ما جعلها تبدو ناضجة جذابة أرستقراطية فاتنة وعلى رأسها حجاباً حريرياً خليط ما بين ألوان تشبه فى إنسجامها تتابع الليل والنهار وحذائاً عالياً رقيقاً بنفس لون حجابها الهادئ.
كانت تستقبل ضيوف الحفل البسيط فى لباقة وثبات ولكن عيناها ثابتة على باب القاعة المقام بها الحفل طوال الوقت ..
تسارعت خفقات قلبها حينما لمحت حسام وهو يدخل من باب القاعة متأنقاً وسيماً جذاباً فلم تتمالك من إخفاء إبتسامة إعجاب وفرحة توجهت بها إليه مباشرة دون أن تشعر.
حاولت أن تبقى فى مكانها حتى يأتى لتهنئتها كباقى الحضور ولكن خذلتها قدماها التى إتخذت قرارها بالذهاب إليه.
نادية:أهلاً حسام قصدى أستاذ حسام
حسام وهو يمعن النظر فيها بإعجاب وجرأة فاجأتا نادية:أهلاً نادية قصدى أستاذة نادية،ثم عاد لصمته متسائلاً بعينيه عن الخطوة القادمة منها.
نادية وهى تشير إليه بيدها عن مكان مجلس سيد وهند:إتفضل وسارت تسبقه إليهما مشيرة له بإتباعها.
كانت تشعر فى تلك الساعات القليلة أن هناك شعور يشبه الرقة والسلام والراحة،شعور باللهفة والشغف والتعجل لأمر لم تعرفه بعد،لم تتوقف عن إختلاس النظرات له،كانت سعيدة وخجولة وتتسارع دقات قلبها كلما إقتحمها بعينية بنظراته الممزوجة بكل المعانى، وعلى الرغم من رغبة حسام فى البقاء لآخر الحفل إلا أنه رأى أن الوقت حان ليستأذن نادية فى الرحيل.
حسام:ألف مبروك ربنا يسعدها يا رب
نادية:هتمشى؟
حسام:أيوه
نادية:مستعجل ليه
حسام وهو يستوعب نادية بعينيه وكأنه يعانقها ويتخلى بالتدريج عن جديته وتحفظه ويبدو أكثر رقة ورومانسية:إنت جميلة أوى وأنا أنا........أنا ماشى.
نادية:خليك ما تمشيش
حسام وهو يعود ببصره إليها بعدما خطا بعض الخطوات:بحبك
نادية:بحبك
ثم إنصرف تاركاً نادية تحاول أن تمنع نفسها من الطيران واضعة كفها الصغير على قلبها تحد ثه أسكت،إهدى وظلت بعض الدقائق على نفس الحالة حتى تمالكت نفسها وعادت لضيوفها.
ظلت مشاعر السعادة فى قلب نادية حتى إنفردت بفراشها وبين أحضان غرفتها التى تحملت معها جميع ما مرت به من لحظات وحدة وإنهيارات منفردة وصراخات مكتومة،إستلقت عليه بملابسها تسترجع كل لحظة وكلمة ونظرة بينهما وعلى وجهها إبتسامة لا تفارقها وظلت على حالتها تلك حتى عانقت وسادتها ونامت وفى تمام السادسة صباحاً أيقظها صوت هاتفها فإعتدلت فى فزع وهى لا تزال بين النوم واليقظة فقد تركت حسام للتو فى منامها وما زالت تحت تأثير الحلم.
نادية:السلام عليكم
يتبع....