نادية(٤).
بقلم : منال عبد الرازق
إرتاحت نادية قليلاً وبدأت تتخلص تدريجياً من أفكارها المتوجسة عن وظيفتها الجديدة وجلست على المكتب الخاص بها ووضعت رأسها بين كفيها وشخصت بصرها على مكتبها لتهدئ من روعها قليلاً وأسبلت جفنيها فى ثبات ،بعد حوالى خمس دقائق فتحت عينيها لتجد أمامها طعاماً وكوباً من الشاى الساخن وبعض الحلويات فتبسمت ونظرت لأستاذ سيد نظرة عتاب محبة.
سيد:مش أنا على فكرة دى هند قالها وهو يتجه بسبابته ناحية المكتب المقابل له.
هند:لأ لأ مش أنا ده عم على صح يا عم على؟
عم على يضحك حتى وجنتيه وهو يقوم بتقليب أكواب الشاى أيوه أنا طبعاً ويغمز بعينه مش كده يا أستاذ حسام؟
حسام ينظر بخجل وعتاب شديد لعم على ويصمت والكل يضحك ومعهم نادية.
لم تستطع نادية التغلب على التفكير فى حسام الصامت هذا وكلما حاولت أن تصرفه عن رأسها عاد إليها،لما يبدو حزيناً هكذا ولما يرمقها بين أونة وأخرى بتلك النظرة الخاطفة ،وكيف مع كل أجواء الفكاهة والحب هذه لم يتخلى عن صمته ووقاره، وكيف لرجل بهذا الحزن أن يبدو وسيما وأنيقاً فى إعتناء هكذا!
كانت فى هذه الأثناء تتناول طعام العشاء مع أولادها ببطء يصاحبه تفكير عميق.
فضل:ماما ماما هيييييه اللى واخد عقلك يا معلم
نادية :إتلم يا ولد
فضل:الله ما أنا ملموم أهو والحلو هواللى شارد مننا ولا معبرنا
نادية:إتفضل يا سيدى قول طلبك وخلصنى
فضل:لأ الحقيقة الجميل هو اللى هيقول طلباته كلها ،قالها وقد إتخذ مكانه وراء مقعدها وهو يحيطها بذراعيه وأستند بذقنه على رأسها.
أمسكت نادية بحنان بكلتا يديه وقبلتهما ثم أمسكت بأصابعه واحدا تلو الآخر ومع كل واحد منهم تتمنى أمنية.
نادية:طلباتى يا سيدى يا رب تكون سعيد ومبسوط وناجح ومتفوق ومتجوز ومتهنى وعندك عيال قمر شبهك وتسافر البلد اللى نفسك فيها وتدخل الجنة وتاخدنى معاك
فضل:سعيد،مبسوط،
ناجح،متفوق،متجوز،
متهنى،عيال،سفر،الجنة
بس دول تسعة لسه صابع
نادية :وتجيب حضن
فضل:لاااااااللى عايز حاجة ييجى ياخدها حضرتك إنت هتحضنى فضل مش أى حد
تترك نادية مقعدها وتجرى وراءه تحاول الإمساك به وهو يقوم بحركات بهلوانية وهى تضحك وكذلك إختيه ليلى ونغم اللتان ما زالتا يجلسان على مائدة الطعام.
عادت نادية لطاولة الطعام وهى تحاول إسترداد أنفاسها وتنظر لليلى ونغم بتساؤل عن سبب وجومهما وعدم مشاركتهما فى الحديث ولا الضحك وتناولت كوباً من الماء وهى ترمقهما بثقة أنها على علم بأنهما متتردان فى قول شيء
نادية وهى تلتفت لفضل:إيه بقى موضوع الطلبات اللى أنا هطلبها كلها دى ياسى فضل؟
فضل:هو إنت مستقلية بيا ولا إيه؟
نادية:أدخل فى الموضوع
فضل:أنا جالى شغل
نادية وهى تعطيه ظهرها بحزم:لأ
فضل:مش لما تعرفى إيه الشغل
نادية:مش عايزة أعرف وبدأت توجه حديثها لليلى ونغم ليدرك أن عليه إنهاء الحديث قبل بدايته
نادية:والأختين الحلوين بقى مالهم؟
فضل وهو يجلس بركبتيه فى مقابل نادية:أنا عارف مالهم
تنظر إليه نادية بإنتباه دون أن تتكلم فيكمل حديثه وهو ينظر لأمه بحنان بالغ ويحتوى كلتا يديها ويقبلهما.
فضل:ماما يا حبيبتى انا كبرت والله وبقيت راجل أد الشحط أهه وإنت والله ما مقصرة معانا ولا عمرك عملتى ده حتى من قبل ما بابا الله يرحمه يموت بس كمان ما ينفعش كلنا نعتمد عليك فى كل حاجة صعب يا أم فضل أنا مش هسمح لنفسى إنى أسيبك تتعبى كده تانى وما تقلقيش يا ست الكل أنا مش هقصر فى مذاكرتى وأوعدك إنك
لما تيجى يا ستى تكشفى عندى هدفعك نص كشف ما الأقربون أولى برضه ثم نظر إليها برجاء وإستعطاف فما كان من نادية إلا أن تعانقه وتبكى على ما تراه فى إبنها من حب ورجولة وشعور بالمسئولية وتحرك رأسها بالموافقة.
نادية وهى تحاول الإبتسام:خلاص أقعد بقى أما نشوف الجوز دول.
فضل:جايلهم عرسان
نادية بسرعة :إيه يابنى إيه يابنى فيه إيه جالى شغل جايلهم عرسان فيه حاجة تانية جاية ولا خلاص كده أستغفر الله العظيم يا رب يا رب والنبى تهديهوملى يا رب هو فيوز واحد اللى سليم وهيضرب حالاً أهه،جايلهم إيه يا حبيبى...عريس ،عريس واحد يعنى وده جاى يعمل إيه؟
فضل:يتجوز يا ماما بس أعتقد هيبقى محتاج يخطب الأول
نادية:يتجوز مين؟
فضل:أكيد يا ماما مش جاى يتجوزنى يعنى وطبعاً مش جاى علشان حضرتك
نادية:طيب أنا محتاجة أسمع صوتكوا بقى إيه الحكاية؟
يتبع..