كتب : أحمد زيدان
المشتري رقم ( ٢ )
رجل في منتصف العقد الخامس من العمر ،تعلوه المهابة و الاستقامة ، الجسم مشدود و رياضي ، و
الملابس تدل على انتماءه للطائفة الاغنياء ، الا ان وجهه عبوس جدا لم تعرف الابتسامة طريقًا لوجهه منذ
فترة ، فنظراته تائهة و كأنها تبحث عن شيء مفقود منذ زمن . إلا أنه لم ييأس من البحث عنه و محاولة
العثور عليه .
دنوت منه رويدا رويدا ، حتي جلست بجانبه معرفات نفسي له بأنني صاحب القلب المراد بيعه .
جاء رده سريعا : و انا من سأشتريه منك مهما كلفني الأمر. اجابه تغلفها الثقة الشديدة و القدرة
علي تحقيق ما يريد .
توجهت له بالسؤال : و لماذا انت بالذات ؟ و من أين جئت بتلك الثقة ؟
رد بهدوء شديد : انا تاجر و اعرف كيف اكسب المزادات و اعرف اننى لا ادخل مزادا الا وحصلت عليه فأنا
املك المال و السلطة و هما كافيان لأحصل على ما أريد ، و متي أريد .
تعجبت اكثر و اكثر و بادرته بالسؤال : و لماذا هذا القلب طالما تستطيع الحصول علي كل شيء ؟
هنا تحول هذا الشخص العبوس الغليظ الي شخص اخر منكسر و لمعت عيناه و كان هناك قطرة من الدموع
علي وشك السقوط الا ان مكانته و وضعه لم يسمح لها بالظهور للعيان و سادت لحظات من الصمت
الشديد حتى يتمالك قدرا من القوة كي يستمر في الحديث و كسر الصمت بكلمة واحدة أريد القلب
لأولادي....
لا تتعجب من كلامي انا بالفعل أريد قلبًا لأولادي.. قلبا يعرف كيف يحب ، كيف يعطف علي الأبناء. فلم أعرف
العطف و البر . انا لي من الأبناء أربعة . اعتنيت بهم منذ نعومة اظافرهم. لم يتمنوا شيئًا فى مرة الا و
حققته لهم . وفرت لهم كل شيء أرادوه و حلموا به . وفرت لهم من المال و السلطة ما يكفيهم هم و
اولادهم من بعدهم . إلا انهم وعلى رغم من كل هذا لم يبادلوني أي عطف أو بر . بل أصبحوا قساة القلب .
اسرق منهم لحظات من الألفة و السعادة بين الحين و الاخر . لهذا اريد قلبك لهم . ألم تقل ان قلبك يتميز
بالحنان و العطف و الحب . وهذا ما أريده و اتمني ان احصل عليه من اجلهم .
ساد صمت رهيب بعد ذلك و لم يرغب في استكمال الحديث ...احترمت رغبته و انتقلت الي المشتري الاخير .... يتبع