متابعة : محمود عبد الرحيم
الشاعر إدريس جماع هو شاعر سوداني فقد عقله فى آخر أيامه ودخل مستشفى الأمراض العقلية وأراد أهله أن يعالجوه
بالخارج.
ويتميز شعره بغنائية جميلة وتغنى بشعره الكثير من المطربين السودانيين، وكان يتميز بكتابة الغزل فى العصر الحديث.
وأثناء سفره للعلاج رأى في المطار امرأة جميلة برفقة زوجها ، فأطال النظر إليها والزوج يحاول أن يمنعه فأنشد يقول :
أعلى الجمال تغار منا .. ماذا علينا إذ نظرنا
هي نظرة تنسي الوقار .. وتسعد الروح المعنى
دنياي أنت وفرحتي .. ومنى الفؤاد إذا تمنى
أنت السماء بدت لنا واستعصمت بالبعد عنا
وعندما سمعها الأديب عباس محمود العقاد رحمه الله سأل عن قائلها فقالوا له أنه الشاعر السوداني إدريس جماع وهو
الآن في مستشفى الأمراض العقلية . قال : هذا مكانه، لأن هذا الكلام لا يستطيعه ذو الفكر.
وقال عنه عون الشريف القاسم : كان كريم النفس رقيق المشاعر شاعراً بالغ الحساسية لم يقف شعره عند وصف
مشاعره نحو الطبيعة التي أجاد وصفها بل امتد لقضايا الوطن والأمة على النطاقين العربي والإسلامي كما يشهد بذلك
ديوانه المطبوع لحظات باقية.
شاركتني هذه الأكوان أفراحي وحزني
في هنائي يحتسي العالم من نشوة دني
أرمق الدنيا فألقي بسمتي في كل غصن
وإذا أظلم إحساسي ونال الحزن مني
شاع من نفسي شحوب وسرى في كل كون
مثلما تمتد للروض هناءاتي وبؤسي
يفرح الروض فتحيا فرحة منه بنفسي
ويغني فتغني بين أمواه وغرس
وحنان العش دفء في دمي يغمر حسي
وإذا هدم شاعت وحشة منه بنفسي
وقد أصر أهل إدريس جماع على علاجه في لندن وأثناء تواجده بالمستشفى أعجب بعيون ممرضته وأطال النظر في عينيها
فأخبرت مدير المستشفى فأمرها أن تلبس نظارة سوداء ففعلت ، وعندما جاءته نظر إليها جماع وأنشد:
والسيف في الغمد لا تخشى مضاربه
وسيف عينيك في الحالين بتار
وعندما ترجم البيت للممرضة بكت ، وصنف هذا البيت أبلغ بيت في الغزل في العصر الحديث .
ومن الأبيات الشعرية التي أشتهر بها إيضًا إدريس جماع :
إن حظي كدقيق فوق شوك نثروه
ثم قالوا لحفاة يوم ريح اجمعوه
عظم الأمر عليهم ثم قالوا اتركوه
أن من أشقاه ربي كيف أنتم تسعدوه
وكانت الأبيات السابقة من أشهر ديوان له وهو لحظات باقية.