متابعة : رحاب الغزاوي
يطلق البعض اسم التغيير على الانتقال من حالة لأخرى مثال الانتقال من الغنى للفقر أو العكس ولكن الحقيقة أن التغيير يتم فقط من خلال
الانتقال من الحالة الجيدة إلى الحالة السيئة بينما الانتقال من الحالة السيئة إلى الحالة الجيدة هو ما يسمى بالتوبة أو الإصلاح.
التفريق بين التغيير .. التوبة والإصلاح من خلال آيات القرآن الكريم
{ إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ } وهذا دليل على أن حال الأنسان يتغير طبقًا لما تحمله نفسه ، فالتغيير مثلًا من الصحة
للمرض يكون بسبب ذنب قام به الإنسان واعتاد عليه ولم يتوب منه } سورة الرعد الآية (11) .
وفي سورة الليل مؤشر واضح لسبب اليسرى التي ييسر لها الإنسان وسبب للعسرى التي ييسر لها الأنسان فقال الله عز وجل :
فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ
لِلْعُسْرَى [الليل:5-10].
ولأن الله هو العدل ولا يظلم الإنسان في شئ فأن ما يصيب الأنسان من سؤ هو نتيجة طبيعية لأفعاله كما قال الله عز وجل في سورة الأنفال
{ ذَلِكَ بِأَنَّ اللّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ } [الأنفال:الآية 53].
أما عن انتقال الأنسان من حالة سيئة لحالة جيدة وهو ما يطلق عليه الله في القرآن الكريم اسم التوبه
﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ﴾ سورة البقرة الآية 222
﴿ إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا * وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ
يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ﴾
[النساء: 17، 18]
ومن خلال الآية السابقة فهناك أمر واضح من الله لعباده بالتوبه وتحسين النفس قبل أن يأتيهم الموت ، وقد يتطلب التوبة مباشرة بعد الذنب
كما في قول الله تعالى : { ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ }.
ويقترن التوبة بالإصلاح ، كما في قول الله تعالى :
﴿ فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [المائدة: 39] وبالتالي فأن التوبة والأصلاح هي سبب في أن
يغفر الله للأنسان ما أقترفه من سوء وبعد المغفرة تنال العبد رحمة الله .
كيف يصلح الأنسان ؟
يكون الإصلاح بإحدى الطرق الآتية :
1- الصدقة
﴿ وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ
وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ
التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾ [التوبة: 102 - 104]
2- إصلاح بعض الأفكار لدي الناس لما يحقق لهم الخير
{قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا ۚ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَىٰ مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ ۚ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ
مَا اسْتَطَعْتُ ۚ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ ۚ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ } ﴿٨٨ هود﴾
3- الأصلاح بين المتخاصمين
{ لَّا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا
عَظِيمًا } ﴿١١٤ النساء﴾
4 - الإصلاح بين المتزوجين
{ وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا } ﴿٣٥ النساء﴾
5- الإصلاح من خلال البيع والشراء
{ وَإِلَىٰ مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا ۗ قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ ۖ قَدْ جَاءَتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ ۖ فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلَا تَبْخَسُوا
النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } ﴿٨٥ الأعراف﴾