المعادلة الصعبة
كتبت / مرفت حمدى
أنا يا سيدتى فتاة أبلغ من العمر 27 عاما تخرجت من احدى الكليات القمة أتوسط اخواتى الأربع و جميعهم بكليات القمة – أعيش فى أسرة متوسطة الحال يكاد راتب والدى البسيط أن يفى باحتياجاتنا الأساسية من مأكل و مشرب و مسكن و تعليم و ما الى ذلك – يرجع ذلك الفضل لبراعة أمى و تدبيرها فى التصرف رغم أنها لا تعمل
- أرسلت لك مشكلتى هذه لأنى أريدك أن تساعينى فى ايجاد حل لها لأنى فى غاية التعاسة فانا يا سيدتى أشعر بالذنب تجاه أمى حيث انى كنت أغار منها لأن لها اسلوب جذاب فى جميع أنماط حياتها بل كل من يعرفها يحبها و ينجذب اليها و يتمنى تقديم يد المساعدة لنا سواء من أقاربنا أو جيراننا أو معارفنا – حاولت كثيرا أن أخلق المشاكل بينها و بين أبى حتى أسبب لها الضيق و لا يكون لها أصدقاء و تتعثرفى حياتها الاجتماعيه ظنا منى أن هذا يسعدنى عندما أجدها حبيسة المنزل منزوية و يتيح لى الفرصة أن أثبت وجودى بين الجميع كشخصية جذابة و مميزة و لكن ما حدث يا سيدى كان غير توقعاتى حيث أصيبت أمى بالسرطان و البيت كله بل كل ما يعرفها فى حالة حزن شديد عليها .
أنا يا سيدتى أشعر بالذنب لأنى أطفأت مصباح البيت ساعدينى بالله عليك ماذا أفعل حتى أصلح ما أفسدته
- الى فتاتى الجميلة أقول لكى هنيئا لك بصحوة الضمير و الاحساس بالذنب .. حبيبتى ان الحياة تمضى و نمضى معها هى رحلة لنا قد تطول و قد تقصر لكن أثرنا فيها لا يعترف بمقدار ما عشناه – فقد نحيا من العمر طويلا و لا يتذكرنا أحد بشئ وقد تقصر رحلتنا لكن أثرنا الجميل كفيل بأن يجبر الغير على ألا ينساك خلال تلك الرحلة قد تكره بلا سبب و يدخل اسمك فى موضوعات شائكة بلا داع و يقولون عنك ما ليس فيك وتروى عنك قصص غريبة و تكون الظالم الأوحد فى أحداث الرواية و تكون السيئ فى رواية احدهم ما تتوقعه و ما لا تتوقعه سيقال – سيمحى و ينسى ما فعلتيه و كأنه لم يكن
قضى الله فى خلقه الا يجتمعوا أو يتفقوا على أحد و لن يبقى لك الا معروفا بذلته أو خيرا قدمته أو أى شئ لوجه الله و ليس لهم فعلته – اوعى تخلى الناس هى معيارك الوحيد اللى هتقيم بيه نفسك – خلى معيارك الوحيد هو رضا الله ونفسك و الآخرون مجرد حافز.
لو بتعتمدى على الناس و تخليهم معيارك علشان تقارنى بيهم نفسك فهذا لن يعود عليك الا بالتعب و الحزن و عدم الرضا – لأنه لا يوجد اثنين موجودين على الكرة الأرضية هتكون ظروفهم و خطواتهم و الأحداث و الخبرات و الأرزاق متطابقة و متماثلة – مهم جدا نطبق ثقافة الاختلاف فى المنافسة فى الدنيا و انك مهما حاولت تنافس غيرك هتفضل المنافسة غير متكافئه و غير عادلة و ان المكسب من المنافسة ليس أن تكون زى غيرك المكسب هو انك تطلع من المنافسة و فى جديد حققته و فى خطوات حققتها – أفضل معيار ليك فى المقارنه هو انك تقارن نفسك فى الماضى بنفسك فى الحاضر مع وجود حوافز انك تشوف اللى فى مجالك وصل لفين لكى يكون مجرد بوصلة و خريطة تقدر تساعدك فى خطواتك المستقبلية – حبيبتى أنت اخترت المقارنه و السباق هنا مع من هو من المستحيل أن تقارنى نفسك بها حيث المعادلة أصعب ما يكون و هى أمك التى تفانت فى أن تدخلك أنت و أخوتك كليات القمة عليك أن تسابقى الى مغفرة من ربك و أن تطلبى من أمك أن تسامحك و ندعو الله أن يتقبل منك و أن تعفو عنك أمك و أن يمن الله عليها بالشفاء لتعود لسابق عهدها مصباحا مضيئا .