كتبت / رحاب الغزاوي
تعد الشاعرة كريمة محمد إبراهيم من أبرز الأصوات الشعرية في الساحة العربية، حيث تمزج في قصائدها بين العامية والفصحى لتخلق لوحات شعرية تعكس
مشاعر الإنسان المعاصر وتجاربه الحياتية. قدّمت كريمة أربعة دواوين شعرية، وهي: "فارس أوانه مجاش"، "ريحة زمان"، "سندريلا"، و"طرح شوك"، وتعكس
هذه الأعمال خليطًا من الحنين إلى الماضي والتفاعل مع التحديات الراهنة، مما يمنحها طابعًا فريدًا.
لم يقتصر إبداع كريمة على الشعر فقط، بل امتد إلى المسرح، حيث تعاونت مع المخرج الراحل يوسف الشاذلي والشاعر عاطف السيد في المسرحية الشهيرة
"عشاق الحياة"، التي تناولت موضوعات إنسانية عميقة. كما شاركت في مؤتمرات ثقافية عدة بمنطقة قناة السويس، مثل مؤتمرات الإسماعيلية وبورسعيد، مما
عزز حضورها البارز في المشهد الثقافي المحلي.
أما في المجال الإعلامي، تعاونت كريمة مع الفنان علاء مرسي في برنامج "هنا الإسماعيلية" المخصص لاكتشاف المواهب الشابة وتنميتها. كما أسست مجموعة
اجتماعية تحمل اسم "الخاطبة"، ساعدت من خلالها في تزويج العديد من الأفراد في الإسماعيلية والمحافظات المجاورة.
أما في شعرها، تظهر قوة الإرادة والرغبة في التخلص من القيود العاطفية. تقول كريمة في إحدى قصائدها:
"محتاج بجد لمعجزة
تعلمني الصبر
أهرب من ضعفي وانكساري والخضوع
إني بكون على حافة الابتعاد
وأحن وأسارع بالرجوع
عايز أقاوم احتلال
حبك اللي ساكن ف الضلوع".
تعبر هذه الأبيات عن صراعها الداخلي مع مشاعر الحب، حيث تحاول التحرر من قيوده لكنها تجد نفسها دائمًا مدفوعة نحو العودة إليه رغم الألم.
وتستمر كريمة في التعبير عن مشاعرها العميقة تجاه العلاقات والحياة في قصيدة أخرى تقول فيها:
"رغم إن البعد فيه مرار
لكنه بلسم وشافي
هبعد وده آخر قرار
جايز في البعد التشافي".
هذه الكلمات تعكس فلسفتها في أن الابتعاد قد يكون علاجًا للجروح الداخلية التي تعيد التوازن للنفس.
بدأت مسيرة كريمة الشعرية منذ طفولتها، حيث كتبت أول قصائدها "اضحك للدنيا تضحك لك" وهي في الصف الثالث الابتدائي. ومنذ ذلك الحين، تطورت
موهبتها بشكل ملحوظ حتى أصبحت واحدة من الشعراء البارزين في منطقتها.
كريمة محمد إبراهيم ليست فقط شاعرة موهوبة، بل هي رمز للعطاء والمشاركة المجتمعية، إذ تجمع بين الإبداع الأدبي والمساهمة الفعالة في المجال الثقافي
والمجتمعي.
في الختام، تظل الشاعرة كريمة محمد إبراهيم رمزًا للإبداع والشغف، إذ تجمع بين موهبتها الشعرية الفذة وأعمالها الاجتماعية والثقافية المميزة. عبر دواوينها
الأربعة ومشاركاتها المسرحية والإعلامية، أبدعت كريمة في تقديم صوت متميز يعبر عن الإنسان المعاصر بتحدياته وأحلامه. ومع بداية موهبتها منذ الصغر،
أثبتت كريمة أن الإبداع لا يعرف حدودًا، وأن الشاعر الحق هو من يمزج بين الكلمة والتجربة ليترك أثرًا لا يُمحى في قلوب محبيه ومجتمعه.