اللواء دكتور سمير فرج.. الإستراتيجية والأمن القومي وجهان لعملة واحدة
كتب/ أحمد الكومي
صرح اللواء دكتور سمير فرج الخبير الإستراتيجي والمفكر العسكري، بأن أحدث كتبه الذي صدر الأسبوع الماضي و"الاستراتيجية والأمن القومي وجهان لعملة واحدة" من الهيئة المصرية العامة للكتاب والذي بدأ في كتابته منذ فترة بهدف إتاحته كمرجع لكل الباحثين المهتمين بمجالات الاستراتيجية والأمن القومي، خاصة في ضوء ما يشهده عالمنا الحديث والمعاصر من تغير في الإتجاهات وما يترتب عليها من أحداث ومواقف، بما يجعل الكثيرون يتساءلون عن إستراتيجيات الدول وعلى رأسهم مصرنا الحبيبة وعن أبعاد الأمن القومي المصري في الفترة الحالية؟
وأضاف اللواء الدكتور سمير فرج، أن من خلال هذا الكتاب فقد حاول الإجابة عن تلك التساؤلات، حيث تحدثت في الفصل الأول عن موضوع الإستراتيجية وعلم التخطيط، مستعرضاً مفهوم الإستراتيجية العليا والعسكرية، مع توضيح لمفهوم الأهداف الاستراتيجية ووسائل تحقيقها، ثم تناول في الفصل الثاني بعنوان "الأمن القومي مصطلح لكل العصور"، الذي يُفسّر بأنه قدرة الدولة على حماية نفسها من التهديدات الداخلية أو الخارجية، خاصة بعد ظهور مفهوم قوة الدولة الشاملة، الذي يضم القوى الإقتصادية والسياسية والبشرية والقوى الناعمة والأبعاد التاريخية والثقافية للدولة، وعلى رأسها بالطبع القوة العسكرية التي أضيف لها حديثاً أبعاداً جديدة متمثلة في حروب الجيل الرابع والخامس.
وأشار الخبير الإستراتيجي والمفكر العسكري، بأنه إستعرض في هذا الكتاب تعريف الأمن القومي المصري ومجالاته المختلفة، سواء كان المجال السياسي أو العسكري أو مجال المعلومات وأخيراً مجال القوى الناعمة، ثم استعرض عناصر تهديد الأمن القومي لأي دولة، سواء كانت تهديدات سياسية أو داخلية أو خارجية، فضلاً عن تصنيفها كتهديدات إقتصادية، أو عسكرية، ولم أغفل تهديد التطرف الديني، الذي يقف وراء كافة العمليات الإرهابية، التي تطول مختلف دول العالم، ثم تناولت بصفة خاصة التهديدات الرئيسية للأمن القومي المصري، حالياً، التي تشمل دوائر الأمن القومي البعيدة والدوائر الإقليمية والدوائر الخطرة.
وذكر اللواء الدكتور سمير فرج، بأنه تناولت بعد ذلك الإتجاهات الإستراتيجية للأمن القومي المصري، والتي تشمل أربعة إتجاهات، جغرافية، وهي الإتجاه الإستراتيجي الشمالي شرقي، من ناحية سيناء، الذي كان بوابة تهديد مصر، عبر التاريخ، منذ الهكسوس وصولاً للإرهاب الديني المتطرف، وما بينهم من أحداث مستمرة في فلسطين المحتلة، خاصة قطاع غزة، أما الاتجاه الإستراتيجي الثاني فهو الإتجاه الغربي، من ناحية ليبيا، التي صار عدم إستقرار وضعها السياسي والإقتصادي والأمني بعد رحيل القذافي، والذي يمثل تهديداً للأمن القومي المصري. ويعُد ثالث الإتجاهات الإستراتيجية هو الجنوبي من ناحية السودان وحوض نهر النيل، الذي أصبح يمثل تهديداً مباشراً، نتيجة عدم الإستقرار العاصف بتلك المنطقة، وأخيراً الإتجاه الرابع، الشمالي من ناحية البحر المتوسط الذي لم يُشكل تهديداً يُذكر، إلا بعد اكتشافات الغاز الطبيعي في شمال مصر، وما نتج عنه من أطماع متمركزة في ذلك الاتجاه.
وأوضح الخبير الإستراتيجي والمفكر العسكري، أنه إنتقل بعد ذلك للحديث عن دوائر الأمن القومي القريبة وأولها الدائرة الإفريقية، مستعيد بعض من تفاصيل الدور الكبير الذي لعبته مصر منذ إنشاء الرئيس جمال عبد الناصر، لمنظمة الوحدة الإفريقية مع إثيوبيا والسودان والتي كانت سبباً لإزدهار العلاقات المصرية الإفريقية، التي أعادها الرئيس السيسي لما كانت عليه مع وصوله للحكم، أما على مستوى الدوائر العربية فجاءت دائرة حوض نهر النيل التي يضم أحد عشرة دولة، وتعتبر أهم الدوائر المؤثرة على الأمن القومي المصري حالياً، منذ سيطرة الحوثيون على مضيق باب المندب، وانعكاسات ذلك على الملاحة بقناة السويس، ثم تناولت في دوائر الأمن القريبة ومنها دائرة البحر المتوسط، مستعرضاً الوثيقة التي الأمريكية التي كشفت عن أن دولاً مطلة على البحر المتوسط تطفو فوق بحيرة من الغاز الطبيعي.
ونوه اللواء الدكتور سمير فرج، بأنه تناول في الفصل الرابع، قضية الإرهاب الذي يهدد الأمن القومي لكل دول العالم، مستعرضاً أشكاله المتعددة؛ ومنها الإرهاب السياسي، الذي يتلاعب بمصير الشعوب، والاجتماعي، المرتكز على الأحوال الاقتصادية، للتمييز بين فئات المجتمع، والإرهاب العسكري المعتمد على استخدام القوة لأحداث الخوف والفزع، بهدف تغيير نظم الحكم والإرهاب الأيديولوجي المرتكز على مذهبين فكريين؛ الفوضى والتحرير الذاتي، تجاه الأعراف والتقاليد، بما قد يصل لحد الحرب. وتتخذ العمليات الإرهابية صوراً متنوعة، منها الاغتيال السياسي، أو الاختطاف، أو قتل مجموعات من الأجانب، فضلاً عن عمليات خطف الطائرات، أو التدمير والتفجير باستخدام العربات المفخخة، أو العمليات الانتحارية. وحديثاً تعرفنا على الإرهاب التكنولوجي، المعني بنشر الشائعات والأكاذيب، من خلال شبكات الاتصال، أو اختراق أنظمة القيادة أو الأنظمة المصرفية، وأنه تعرض في هذا الفصل للشكل الجديد من الحروب، وهي الحروب بالوكالة التي تعد العمليات الإرهابية أحد اشكالها، ومن أمثلتها ما شهدناه من دعم عناصر المجاهدين في أفغانستان، لطرد الروس، كما عرض نبذة عن تاريخ الجماعات الإرهابية، ومنها تنظيم القاعدة، وداعش، وفي النهاية وضح جهود مصر في عهد الرئيس السيسي، للتصدي للإرهاب في سيناء، ونجاحها في القضاء عليه، لتبدأ مرحلة التنمية، إيماناً بمقولة الرئيس السيسي بأن تأمين سيناء لن يكون إلا بتنميتها.
واختتم الخبير الإستراتيجي والمفكر العسكري، تصريحاتة بأن الفصل الخامس ذكر فيه أهمية التسليح لتحقيق مفاهيم الأمن القومي، مشيداً عن حق، بقرار الرئيس السيسي بتنويع مصادر السلاح، والذي كان سبباً في تبوأ مصر لمركزها العسكري الحالي، كأقوى الدول العربية والإفريقية، وفقاً لتقرير مؤسسة جلوبال فاير باور، كما تطرقت إلى أحدث أسلحة الترسانات العسكرية، وهو الطائرات المسيرة، التي أحدثت ثورة في الفكر العسكري، وأن تلك نبذة عن كتابة الصادر حديثاً، والذي يتمنى أن يكون فيه النفع والفائدة، خاصة لشباب الباحثين في مجال الاستراتيجية والأمن القومي.