اللواء الدكتور سمير فرج.. مازالت الحروب الثلاثة في غزة مستمرة
كتب/ أحمد الكومي
صرح اللواء الدكتور/سمير فرج الخبير الإستراتيجي والعسكري، بأنه عندما بدأت أعمال القتال في السابع من أكتوبر 2023 بين المقاومة الفلسطينية (حماس)، لم يتوقع أي من المحللين العسكريين أن يمتد يستمر الأمر أكثر من عدة أسابيع، وها نحن في الشهر الثامن ولازال القتال مستمر ، وإذا تمعنا في الأمر سنكتشف أننا أمام ثلاثة حروب وليس حرب واحدة تشهدها أرض غزة.
واستطرد قائلاً اللواء الدكتور سمير فرج، بأن الحرب الأولى، هي الحرب التقليدية بين القوات الإسرائيلية وقوات حماس الصامدة، أما الثانية فهي الحرب النفسية التي تشنها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني بشكل رئيسي بالإضافة إلي إستهدافها الرأي العام الإسرائيلي والعالمي ،لأقناعه بأن النصر حليف إسرائيل لا محالة، أما الحرب الثالثة ،فهي حرب الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني، الذي استشهد منه حتى الأن أكثر من 35 ألف شهيد أكثرهم من النساء والأطفال، بالإضافة إلي 75 ألف جريح، هذا إلي جانب عمليات التدمير الكلي للبنية التحتية الأساسية لغزة، من منازل ومستشفيات ومرافق ومحطات المياه والكهرباء وصارت غزة منطقة أنقاض حرب.
وأضاف الخبير الإستراتيجي والعسكري، أنه بمراجعة الموقف في الحرب الأولي نجد أن إسرائيل حتي الآن لم تتمكن من تحقيق أي إنجاز، أو أياً من أهدافها التي تتلخص في أربعة أهداف هي القضاء على حماس، وإجلاء الرهائن الاسرائيليين من يد المقاومة، وهذا أيضا لم يحدث علي الرغم من عمليات تسريح عدد من الرهائن التي جاءت كنتيجة لمباحثات وقف إطلاق النار وليس بالقتال كما يدعي نتنياهو، أما الهدف الثالث وهو الإستيلاء على غزة، فهو أيضاً لم يحدث ومازالت إسرائيل تقاتل في شمال ووسط غزة، وحالياً في الجنوب باتجاه رفح، حتي الأن لم تتمكن من السيطرة على غزة، أما الهدف الرابع والمتعلق بنقل أهالي غزة إلي صحراء سيناء ،أو ما يطلق عليه عملية Transfer ،وهذا أيضاً لم تنجح إسرائيل في تحقيقه فيه، بفضل قرار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي منذ الإسبوع الأول من بدء القتال، عندما أعلن رفض نقل أهالي عزة لسيناء بما يمثله من تفريغ القضية الفلسطينية من مضمونها وإنهاء حلم إعادة الدولة الفلسطينية.
وأكد اللواء الدكتور/سمير فرج، بأن أحداث الحرب مر عليها الشهر الثامن دون تحقيق إسرائيل لأية مكاسب أو إنتصارات، بل علي العكس، وفقدت إسرائيل ثلاث آلاف جندي وضابط وهناك والآلاف من المصابين في العمليات بين أفراد الجيش الإسرائيلي، الأمر الذي يثبت للعالم كله أن جيش الدفاع الإسرائيلي الذي لا يقهر ،يقف عاجزاً أمام صلابة المقاومة الفلسطينية، هذا بالطبع بالإضافة إلي فشل أجهزة الإستخبارات الإسرائيلية الموساد والشاباك وأمان الثلاثة، خلال إكتشاف بدء عمليات الهجوم من حماس الإستعدادات التي تمت لهذه العملية ولا حتى التدريبات التي تمت قبل الحرب أو حتى عملية شراء الطائرات الشراعية التي عبرت بها قوات حماس الحائط الذي اقامته اسرائيل أمام غزة، وإلي جانب ذلك فشلها في إكتشاف ومعرفة أي معلومات دقيقة حول الأنفاق أو مترو غزة الذي تسبب في خسائر كبيرة للقوات الاسرائيلية، ومازالت عناصر حماس تختبئ في هذه الأنفاق، وعلى رأسهم يحيي السنوار ومعه الرهائن الإسرائيليين،وهو ما يعد أكبر فشل للإستخبارات الإسرائيلية.
وأشار الخبير الإستراتيجي والعسكري، بأنه عندما نتحدث عن الحرب الثانية وهي الحرب النفسية والدعائية والتي ظهرت مؤخراً في إعلام اسرائيل من إعلانها الإستيلاء على ممر فيلادلفيا، ذلك الممر الخالي من القوات العسكرية وفقاً لإتفاقية السلام، والممتد بطول 14 كيلو من البحر المتوسط حتى معبر كرم أبو سالم، بعمق في حدود 100 متر وتم الإتفاق بعد إنسحاب إسرائيل من غزة عام 2005، ليكون منطقة عازلة لا تتواجد بها أي قوات بهدف أن يصبح Buffer Zone بين غزة ومصر، لمنع أي عمليات تهريب للأسلحة أو المخدرات وهو الإتفاق الذي ألتزمت به مصر وحافظت على عدم وجود أي قوات مصرية وبالتالي فلسطينية والاسرائيلية في هذا الممر الذي يعتبر جزءاً من الأراضي الفلسطينية تنفيذاً لبنود الإتفاقية، لنفاجئ بإعلان إسرائيل في الأيام الماضية عن إحتلالها لممر فيلادلفيا، تحت شعار تدمير الأنفاق بين غزة ومصر، ومنع تهريب الأسلحة من مصر إلى غزة وهو أمر عاري تماما من الصحة، فمصر خلال السنوات الستة السابقة قامت بالقضاء على عناصر الإرهاب في سيناء ونجحت في تدمير وإزالة كافة الأنفاق التي كانت موجودة من قبل بين غزة ومصر، ليس لصالح إسرائيل ولكن حماية لأمن مصر القومي فقط، ومن هذا المنطلق فإن مصر علي يقين أنها أزالت كافة الأنفاق. وأكررها الهدف كان الأمن القومي المصري فقط لأغير ..
وقد أظهرت عملية احتلال اسرائيل لممر فيلادلفيا الخالي من اي قوات ، أن الهدف منها هو استخدامها في الحرب الدعائية لإظهار أن إسرائيل تحقق نصر علي ارض غزة ، وأن الجيش الإسرائيلي نجح في الاستيلاء علي أرض جديدة في المعركة.
وأوضح اللواء/الدكتور سمير فرج، أنه بالنسبة لمصر فعلينا أن نعلم أولاً أن ممر فيلادلفيا لا يقع في الأراضي المصرية، بل يقع في الأراضي الفلسطينية، وعلي الرغم من ذلك فدخول القوات الإسرائيلية لتلك المنطقة هو مخالفة لبنود إتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل وعند حدوث مخالفة لبنود الإتفاقية فهناك لجنة مشكلة من الجانبين، يتمثل دورها في مراقبة حدوث أي إختراق لبنود المعاهدة من أي من الجانبين لبحث المسألة وتحديد السبب والإجراءات التي يجب إتخاذها، بداية من التوجيه للقوات الإسرائيلية بالخروج من الممر، وعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه طبقاً لنصوص الإتفاقية وإذا لم تلتزم إسرائيل بذلك فهناك إجراءات تصعيدية أخرى من جانب مصر نحو عدم إلتزام إسرائيل لتنفيذ بنود إتفاقية السلام لكامب ديفيد.
وبذات السياق فقد ذكر الخبير الإستراتيجي والعسكري، أنه في إطار الحرب النفسية التي تقوم بها إسرائيل، فقد قامت بإعلان إحتلالها لمعبر رفح من الجانب الفلسطيني لإقناع الشارع الإسرائيلي أن جيشهم حقق نجاحات تجاه المقاومة الفلسطينية، وحدثت أخيراً حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني، وأن لدينا قرار المحكمة الدولية في لاهاي والخاص بإدانة "نتنياهو" رئيس الوزراء ومعه وزير الدفاع الإسرائيلي، والثاني الخاص بوقف إطلاق النار فوراً وعدم إقتحام مدينة رفح، والإدانة الكاملة للأعمال الوحشية ضد الشعب الفلسطيني، علاوة على قرار الأمم المتحدة بالأغلبية بوقف إطلاق النار فوراً، ورغم ذلك لم تمتثل إسرائيل لهذه القرارات حتي بعد أن تم عرض القرارات على مجلس الأمن ليقف الفيتو الامريكي حائلاً ضد تنفيذ هذا القرار، وهكذا فإن إسرائيل تدخل شهرها الثامن في هذه الحروب الثلاثة دون تحقيق أي نصر من قريب أو بعيد ولكنها فقط حققت القتل والدمار للنساء والأطفال في أسوأ كارثة إنسانية وبشرية في العصر الحديث.